الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين :
بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَأَيُّوبَ إِذْ
نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83)
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ
وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84)
} سورة الانبياء
لماذا ابتلى الله عز وجل أيوب عليه
السلام ؟
أولا :
ظاهر القرآن الكريم يدل على أن ابتلاء
الله عز وجل نبيه أيوب عليه السلام لم يكن على وجه العقوبة على ذنب أو مخالفة ،
وإنما كان لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى ، لعل منها أن يرفعه بصبره الدرجات العلى ،
وينال به المقام السامي إلى يوم الدين .
فقد أثنى سبحانه وتعالى على صبره في
قوله تعالى : ( إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ
إِنَّهُ أَوَّابٌ ) ص/44)، وهو سياق ثناء ومدح ورفع مقام ، يختلف عن سياق
العتاب الوارد في قصة يونس عليه السلام ، في قوله تعالى : (
فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ . فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ
الْمُسَبِّحِينَ . لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ
يُبْعَثُونَ . فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ )
الصافات/142-145.
ثانيا :
في السنة النبوية ما يدل على براءة أيوب
عليه السلام من أي ذنب يمكن أن يكون سبب المرض الذي أصابه .
عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
:
( إِنَّ أَيُّوبَ
نَبِيَّ اللَّهِ كَانَ فِي بَلَائِهِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً ، فَرَفَضَهُ
الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ ، إِلَّا رَجُلَانِ مِنْ إِخْوَانِهِ كَانَا مِنْ أَخَصَّ
إِخْوَانِهِ ، كَانَا يَغْدُوَانِ إِلَيْهِ وَيَرُوحَانِ إِلَيْهِ ، فَقَالَ
أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : أَتَعْلَمُ ، وَاللَّهِ لَقَدْ أَذْنَبَ أَيُّوبُ
ذَنْبًا مَا أَذْنَبَهُ أَحَدٌ ، قَالَ صَاحِبُهُ : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ : مُنْذُ
ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً لَمْ يَرْحَمْهُ اللَّهُ فَيَكْشِفُ عَنْهُ . فَلَمَّا
رَاحا إِلَيْهِ لَمْ يَصْبِرِ الرَّجُلُ حَتَّى ذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ
أَيُّوبُ : لَا أَدْرِي مَا يَقُولُ ، غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ
أَمُرُّ عَلَى الرِّجْلَيْنِ يَتَنَازَعَانِ ، فَيَذْكُرَانِ اللَّهَ ، فَأَرْجِعُ
إِلَى بَيْتِي فَأُكَفِّرُ عَنْهُمَا كَرَاهِيَةَ أَنْ يُذْكَرَ اللَّهُ إِلَّا فِي
حَقٍّ ) إلى آخر الحديث . رواه أبو يعلى في " المسند " (6/299)، وابن حبان
في " صحيحه " (7/159)، والحاكم في " المستدرك " (2/635). وصححه ابن حبان ، وقال
الحاكم : " على شرط الشيخين ولم يخرجاه "، ونص عليه الذهبي أيضا في " التلخيص "،
ووصفه ابن حجر في " فتح الباري " (6/421) بأنه أصح ما في الباب ، وصححه الألباني في
" السلسلة الصحيحة " (رقم/17) ، وأعله بعض العلماء ، انظر : " أحاديث معلة ظاهرها
الصحة " (ص/54)، وانظر " البداية والنهاية "(1/254-259)
ثالثا :
يقرر العلماء أن الحكمة الغالبة في
ابتلاء الأنبياء رفع الدرجات وإعلاء الذكر .
يقول الشيخ ابن باز رحمه الله
:
" الله عز وجل يبتلي عباده بالسراء
والضراء وبالشدة والرخاء ، وقد يبتليهم بها لرفع درجاتهم وإعلاء ذكرهم ومضاعفة
حسناتهم كما يفعل بالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام والصلحاء من عباد الله
، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أشد الناس بلاء
الأنبياء ، ثم الأمثل فالأمثل ) – رواه الترمذي
(2398)- ... فإذا ابتلي أحد من عباد الله الصالحين بشيء من الأمراض أو نحوها فإن
هذا يكون من جنس ابتلاء الأنبياء والرسل ، رفعا في الدرجات ، وتعظيما للأجور ،
وليكون قدوة لغيره في الصبر والاحتساب " انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز "
(4/370-371).
وهناك فتوى عن العلامة ابن القيم في
توضيح هذه المسألة ، يمكن مراجعتها في الفتوى رقم (72265) ...
الاسلام سؤال وجواب
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب
العالمين
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع
العليم
واغفر لنا إنك أنت الغفور
الرحيم
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين